الجزء

الجزء الأول من روايـة قلبي متيم بها

في كثير من الأحيان قد يكون شخص ما بالنسبة لإنسان الكون وما حوى، في حين أن ذلك الشخص يكون لغيره مجرد إنسان، وفي هذه الحالة يكون ذلك الشخص قد وقع في الأيدي الخاطئة ومع الأناس الخطأ أيضا؛ فعليه أن يتخيل حياته كيف لها أن تكون حينما يكون مع الإنسان الذي يمثل إليه الكون بما حوى؟!

 قلبي متيم بها الجزء الأول

كان في عامه الخامس والعشرين عندما ذهب مع والده لأول عملية، وشاهد كل ما يحدث خلالها أمام عينيه…

ماثيو وكان في يده منظار، وجهه ناحية البحر وإذا بفتاة في غاية الجمال تتمايل يمينا ويسارا على حبات الرمال الناعمة، والموج يداعب قدميها الزهرتين؛ أتاه والده عندما لاحظ عليه عدم التركيز معه، ولا مع عملائه الأجانب، أمسك بالمنظار من يديه ووجهه نفس الجهة، وإذا به يرى الفتاة…

والده بابتسامة خافتة: “اعلم يا بني العزيز الخيانة لا تأتي إلا من امرأة، فإياك والثقة بهن”، ولم يتمم كلماته وإذا برصاصة تخترق قلبه وتعبر لتثبت ببطن ابنه الوحيد؛ لقد تعرضا لخيانة عظمى، أودت بحياة والده في الحال، فرحل عنه والده أمام عينيه؛ أما عن “ماثيو” فرأى الفتاة الجميلة وهي تشد بيديه وتتشبث به لئلا يرحل عن الحياة ويلحق بوالده الحبيب، نقل للمستشفى بطائرتهم الخاصة وسط الكثير من الأحزان والأسى، كان عمه وفيا لأبعد الحدود لأخيه الراحل، ومن ثم لابن أخيه الذي بات بين الحياة والموت.

وبمعجزة استطاع الأطباء إنقاذ الشاب من موت محتوم، أما عن الشاب الذي باتت مسئولية عائلة كبيرة عريقة للغاية على عاتقيه، كان بين الحياة والموت لا يرى إلا صورة فتاة الشاطئ، وهي تبتسم إليه وتمسك بيديه وتعبر به لشاطئ الحياة والسلام، أفاق من غيبوبته، وفوجئ بأنه كان تحت تأثيرها لمدة شهرين من الزمان، وأنه أعيدت إليه حياته بأعجوبة ومعجزة.

تحمل “ماثيو” المسئولية، ولم يعرب عنها وكان على قدرها بمراحل فاقت كل التوقعات، بل كان صارما على والده في كل التعاملات غير متهاونا مع أي أحد مهما بلغت مكانته لديه، لا يثق في أي أحد، ولم يعطي ثقته الغالية لأقرب الأناس إليه من حوله على الرغم من تيقنه من مدى أمانتهم وإخلاصهم وصدقهم في المعاملة.

ومرت خمس سنوات، ولم يستطع “ماثيو” التوقف عن التفكير بفتاة الشاطئ على الإطلاق، بحث طيلة الخمس سنوات عن أي معلومة بإمكانها مساعدته وإيصاله إليها، ولكن الحظ لم يحالفه في ذلك، لم ييأس ولم ينفك يفكر عنها، وإذا كف عن التفكير بها يوما راودته أحلاما عنها بالليلة، لقد صار قلبه متيما بها، وباله مشغولا بلقياه وإن كلفه الأمر كل ما يملك فلن يتردد ثانية واحدة في اتخاذ ذلك القرار.

أتى برسام من أمهر من بمجاله، وصف له الفتاة، وتمكن ذلك الإنسان من نقل أفكاره عنها لصورة واقعية حية على لوحة علقها بغرفة نومه، لا ينفك يخرج نفسه من دوامة التفكير بها، ولا ييأس من أمر رجاله بالبحث عنها وبإعطاء من يجدها مكافئة لم يحلم بمثلها طوال حياته.

إذا وقع الإنسان بالحب وصار متيما بمن يحب، فإنه لا يجد المستحيل إليه طريق؛ ويعجز اليأس عن إقناعه به، بل من الممكن أن ييأس اليأس من التأثير عليه؛ لأن الإنسان وبكل بساطة لا يتبع إلا مشاعر قلبه الصادقة، والتي من النادر للغاية أن يشعر بها يوما؛ وكل إنسان منا تنعكس أفعاله من شخصيته، وشخصية “ماثيو” قوية صلبة للغاية لا يعرف الفشل ولا المستحيل، حاد الطباع صعب المراس، كل من تعامل معه يهابه من شدته وعظمته، والصورة التي انطبعت عنه لم تأتي من فراغ ولا من دعاية، فالعمل عنده فوق أي شيء، وتوقعاته وفراسته تفوق الجميع، ومن الأساسي بحياته ألا يثق إلا بنفسه، وإن أصدر أوامره يتفقد نتيجتها بنفسه أيضا.

استطاع أن يضاعف تجارة والده بصورة عجز عنها غيره، وعلى الرغم من اتسام والده بالذكاء الحاد والخبرة الطويلة إلا إن “ماثيو” فعل في خمس سنوات ما لم يستطع والده فعله في سنوات طوال انقضت من عمره؛ فقد أراد بعض شركاء والده أن يأكلوا عليه أمواله بعد رحيل والده عن الدنيا، فاجتمع بهم اجتماعاً واحدا كلفه السفر خارج بلاده…

ماثيو: “لا أعلم إلا شيئا واحدا، ولن أذكره أكثر من مرة واحدة، اتقوا شري وتجنبوه على قدر استطاعتكم”.

أحد الشركاء (القائد): “إننا لا نعلم لك حقا عندنا، ووالدك ليس له أي أموال”.

ماثيو: “حسنا إذاً”

أماء برأسه لأحد رجاله، والذي على الفور وزع على كل شريك من الاثني عشر شريكاً ظرفا محكم الإغلاق.

ماثيو: “كلا منكم عليه النظر لما يحويه ما بيده”.

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

اقرأ أيضا عزيزنا القارئ:

جميع اجزاء رواية بقايا امرأة كاملة للكاتبة كيندا

وأيضا: جميع اجزاء رواية صغيرة علي الحب كاملة للكاتبة كيندا

واستمتع ب: جميع الأجزاء كاملة لرواية الزوجة التائهة بين الأحلام والواقع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى